الخميس، 20 أغسطس 2009

حول إستخدام الكلمة اليونانية :
PARADOSIS
( التقليدات )
فى العهد الجديد.


أولاً : المعنى القاموسى :

1- يتسع لعدة استخدامات :- تسليم – تقليد – إعطاء – مناولة.

2- المعنى الشامل لهذه الاستخدامات هو :- تسليم شىء ما ، من الشخص صاحب السلطان على التصرف ، إلى شخص آخر ، تسليماً شخصياً مباشراً .

3- وهذه الكلمة ، مشتقة من الفعل: PARADIDWMI ( يعطى . يناول )

ثانياً : كيفية ترجمته فى العهد الجديد ( الطبعة البيروتية – دار الكتاب المقدس ) :-
أ- تم ترجمة الفعل PARADIDWMI الى :-
1- سلم. تسلم 2- دفع إلى 3- بذل
4- يستودع 5- أدرك 6- يتقلـَّـد
ملحوظة : هذه المفرادات --جميعاً-- تعبر عن المعنى الاصلى للفعل بحسب إستخدامه . ++ ولكن تم تخصيص الترجمة بكلمة : " يتقلـَّـد " ، لحالة اليهود فقط ، خلافاً للواقع ، إذ يوجد تقليد مسيحى كما يوجد تقليد يهودى .

ب- تم ترجمة الكلمة PARADOSIS إلى :-
I) تقليد ( وهى كلمة متطابقة تماماً مع الكلمة الأصلية ، ولكن تم حصرها – خلافاً للحقيقة-- فى المواضع التى تتحدث عن اليهودية فقط )
II) تعليم ( وهى ترجمة غير دقيقة ، لآنها تحوِّل المعنى الشامل للكلمة الأصلية إلى معنى خاص ناقص )

جـ- المواضع التى تم فيها ترجمة كلمة PARADOSIS إلى تقليد ، هى تحديداً :-
1- ( مت 15 : 2 ) لماذا يتعدى تلاميذك تقليد الشيوخ .
2- ( مت 15 : 3 ) فأجاب وقال لهم وأنتم أيضاً لماذا تتعدون وصية الله بسبب تقليدكم .
3- ( مت 15 : 6 ) فقد أبطلتم وصيه الله بسبب تقليدكم .
4- ( مر 7 : 3 ) لأن الفريسيين وكل اليهود إن لم يغسلوا أيديهم بإعتناء ، لا يأكلون ، متمسكين بتقليد الشيوخ .
5- ( مر 7 : 5 ) ثم سأله الفريسيون والكتبة: لماذا لا يسلك تلاميذك حسب تقليد الشيوخ .
6- ( مر 7 : 8 ) لأنكم تركتم وصية الله وتتمسكون بتقليد الناس .
7- (مر 7 : 9 ) ثم قال لهم حسنأ رفضتم وصية الله لتحفظوا تقليدكم .
8- ( مر 7 : 13 ) مبطلين كلام الله بتقليدكم الذى سلمتموه .
9- ( غلا 1 : 14 ) وكنت أتقدم فى الديانة اليهودية .. فى تقليدات أبائى .
10- ( كو 2 : 8 ) أنظروا أن لا يكون أحد يسببكم بالفلسفة وبغرور باطل حسب تقليد الناس حسب أركان العالم وليس حسب المسيح .
11- ( 1 بط 1 : 18 ) سيرتكم الباطلة التى تقلدتموها من الآباء .


د- المواضع التى تم فيها ترجمة Paradosis إلى كلمة : " تعليم " ، الغير دقيقة ، هى بالتحديد :-
12- (1 كو 11: 2) فأمدحكم أيها الإخوة على أنكم تذكروننى فى كل شىء وتحفظون التعاليم( التقليدات) كما سلمتها إليكم.
13- (2 تس 2 :15) فإثبتوا إذاً أيها الاخوة وتمسكوا بالتعاليم ( التقليدات) التى تعلمتموها ، سواء كان بالكلام أم برسالتنا .
14- (2تس 3 :6) ثم نوصيكم أيها الاخوة بإسم ربنا يسوع المسيح أن تتجنبوا كل أخ يسلك بلا ترتيب وليس حسب التعليم ( التقليد) الذى أخذه منا .

هـ- ملحوظات على طريقة استخدام كلمتى " تقليد " " وتعليم " ، كترجمة لنفس الكلمة اليونانية الواحدة :-

1) تم وضع كلمة " تقليد " فى كل المواضع - بلا إستثناء -التى تعبر عن التقليد اليهودى ، المرفوض والمـُلغى .
++++ كما تم وضع كلمة " تعليم " فى كل المواضع - بلا إستثناء -التى تعبر عن التقليد المسيحى المقدس والمطلوب ، بدلا من كلمة " تقليد " الصحيحة والتى كان من المفروض إستخدامها .
++++ وهذا الإجماع ، لا يمكن ان يحدث سهواً أو مصادفة، خصوصاً وأن نتيجته هى تقبيح كلمة " تقليد " ، بوجه عام ، وتقبيح كلمة " التقليد الرسولى الكنسى " ، بوجه خاص ، مما يؤدى لتقبيح المعتقد الأرثوذكسى التقليدى ، من هذه الجهة ( كما يفعل المترجم ذلك ، من جهات أخرى ، فى مواضع أخرى )
++++ وكان الواجب على المترجم ، أن يستخدم ذات الكلمة العربية الواحدة ، لترجمة ذات الكلمة اليونانية الواحدة ، فيجعلها ، إما : " تقليداً " فقط ، أو يجعلها : " تعليماً " فقط ( مع أن كلمة تعليم ليست هى الترجمة الصحيحة أو الدقيقة )

2) وقد إعتادت الكنيسة القبطية الارثوذكسية ـ دائماً - على استخدام كلمة تقليد للتعبير عن عقائدها وطقوسها التى تسلمتها من رب المجد ذاته ، من خلال رسله الأطهار ، وهو الذى تسميه : " التقليد الرسولى المقدس " ، تمييزاً له عن التقليد اليهودى المرفوض .

3) ولكن البعض من الارثوذكسيين ، إنخدع بهذه الترجمة غير الأمينة ، فظنوا ان كلمة : " تقليد " ، هى كلمة مشينة وقبيحة على وجة العموم ، حتى ان البعض من الارثوذكسيين ، حاول التهرب منها أو التخلص منها .


و- معنى كلمة : " تقليد" : -

تعنى تسليم مسؤلية القيام بعمل ما ، أو نقل معرفة ما ، من شخص مؤهل لذلك – أى له السلطة على عمل ذلك – إلى شخص آخر ، بطريقة مباشرة وشخصية . وأمثلة ذلك : -
1- كان القائد العسكرى ، يقلد الجندى المقبول فى الجيش ، بحمالة السيف ( القايش) حول عنقه ، أو ما شابه ذلك ، دليلاً على ضمـِّه للجيش .
2- كان تقليد مقاليد الحـُكم ، للملك الجديد ، يتم بأن تقوم الهيئة المنوطة بذلك ، بتقليده بقـِلادة الحكم حول عنقه.
3- كما يقال أن عمداء الكليات العريقة ، يقومون بتقليد الأساتذة الجـُدد ، لوظيفة التدريس والتعليم ، بإلباسهم الزى الجامعى ، فيما يشبة طقوس الرسامة والتجليس ( نقلاً عن المتنيح الأنبا غريغوريوس ) .
4- تستخدمها الكنيسة الأرثوذكسية ، ككلمة إصطلاحية ، للتعبير عن تعاليم عقـائد الدين ، وطقوس الكنيسة وأنظمتها الروحية ، التى تنتقل من جـيل إلى جـيل ، ومن خلال رجال الدين الشرعيين ، المؤهلين لذلك ، وذلك منذ أن أعطى الرب لتلاميذه ورسله المكرمين ، سلطان الكهنوت والتعليم والرعاية وقيادة المؤمنين ، إذ نفخ فى وجههم قائلا : إقبلوا الروح القدس ، من غفرتم خطاياه تغفر له ... ( يو 20 : 22 ، 23 ، مر 16 : 15 و مت 28 : 19 ، 20 ) .
فكلمة : " التقليد " ، تعبر عن وجود هذا السلطان الروحى ، من خلال التسليم من جيل الى جيل ، حتى أن الأسقف المقام حالياً بطريقة شرعية ، يعتبر إمتداداً للرسل ذاتهم
+++ أى أن : التقليد هو تسليم شرعى .
+++ وهذا هو الفارق الكبير بين كلمة التقليد ، وبين كلمة التسليم ، التى يمكن ان تتم بين أى مدرس وتلميذه ، بل وبين أى بائع ومشترى !!!!!!
++++++ لذلك ، فإن غير الارثوذكسيين يقابلون هذه الكلمة بحساسية ، ويحاربون ويقبـِّحون هذه الكلمة ، بهدف القضاء عليها ، لآنها تعلن عن عدم شرعية عديمى السلطان الرسولى ، الذين لم يتسلسلوا من الرب ثم الرسل .
+++++ ولأنهم اضطروا ، تحت ضغط الضرورة ، إلى إبتداع وإختراع أنظمة جديدة ، خارجة عن التسليم الرسولى - يمارسونها خلال رسامتهم لقسوسهم ، وفى إجتماعاتهم ، وصلواتهم فى الجنازات ، وفى إحتفالات الزواج ، وفى تعميدهم .... إلخ - لذلك ، فإن إثارة موضوع التقليد المقدس - أى التسليم الشرعى ، من أصحاب السلطان الروحى ، المتسلسل : منذ رب المجد الى الآن بدون انقطاع - يعنى عدم شرعية ما قاموا بإبتداعه من أساليب بديلة للرسامة وخلافه ، ومن أنظمة ( طقوس ) مستحدثة .

ثالثأ : الخلاصة :

v الواجب علينا أن نوضح لعامة الشعب ، وجود : " تقليد مسيحى " ، مقدس ، لأنه متسلسل من رب المجد ذاته ، ومن خلال رسله القديسين . +++ وأن هذا التقليد المقدس يختلف شكلاً وموضوعاً عن التقليد المرفوض الذى صنعه شيوخ اليهود ، لمصالحهم الشخصية ، ولو بالخلاف مع وصية الله . ++ مع البيان والتفصيل للفروق بينهما .

v ولأن الكلمات المصطلحية ، لها دور بالغ الأهمية فى حياة الناس ، لذلك يجب علينا أن نؤكد ونثبت الكلمات المصطلحية الكنسية ، وأن نوضح محتوى معانيها ، وأصولها الرسولية الأولى ، من خلال دراسة النصوص الآبائية ، وألاَّ تننازل عنها تحت ضغط دعاية المغرضين .

v مراعاة الحذر عند التعامل مع كل ما هو مترجم بواسطة أشخاص غير أرثوذكسيين ( إن كان من اليونانية إلى العربية ، أو من اليونانية إلى اللغات الاوربية المختلفة ) ، لأن المترجمين لا يخلون من الأهواء ، وقد أشار الى هذه النقطة - بتوسع - البطريرك الكاثوليكى كيرلس مقار ، فى نقده ، حتى لما يقوم به الكاثوليك أنفسهم ، الذين أقاموه - حينئذاك - بطريركاً على التبع فى مصر ، وذلك فى بحثه المسمى : " الوضع الإلهى فى تأسيس الكنيسة"، الذى ترجمه الأسقف الجليل المتنيح الأنبا ايسيذوروس .++ ناهيك عما يقوم به المترجمون المحدثون ، من إضافات فى الهوامش ، يقتطعون فيها أجزاءً من كتابات آبائية أخرى ، ويحوِّروها لما يخدم إتجاهاتهم الخاصة.

المراجع :-
1- الكتاب المقدس ( طبعة بيروت – جمعية الكتاب المقدس ) .
2- اللآلئ النفيسة : القمص يوحنا سلامة .
3- الفهرس العربى لكلمات العهد الجديد اليونانية - القس غسان خلف .
4- الوضع الإلهى فى تأسيس الكنيسة : لبطريرك التـُبـَّع الكاثوليك كيرلس مقار .